مداد - أمينة قويدر
قدم الأستاذ عبد الفتاح مورو حلقة " تكريم الله للإنسان: الحقوق و الواجبات في الإسلام" يوم الثلاثاء 26 جانفي 2021، وقام بتسييرها نائب رئيس المركز صلاح الدين الجورشي.
و انطلق الدكتور بتلاوة الآية عدد 70 من سورة الإسراء: " وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ".
و فسّر هذا التكريم بنفسة الإنسان و تميزه على غيره من المخلوقات و معاملته معاملة رفعة لا تساويها معاملة غيره من مخلوقات الله تعالى، بل اعتبره سيدا في الكون.
وأوضح أن هذا التكريم كان نتيجة مرحلتين أساسيتين: الأولى هو أن الله عرض أمانة قبلها الإنسان و لم تقلبها بقية الكائنات، وفي ذلك قوله تعالى " إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا [الأحزاب:72]،
و أضاف أن هذه الأمانة تعني أن الله ائتمن الإنسان على الكون " وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً"(البقرة 30). و قبول هذه الأمانة جعلت الإنسان متميزا بكونه مخلوقا مسؤولا، فمبنى كيان الإنسان قابل إلى أن يسأل ، يعني أنه مسؤول عن فعله، و في ذلك معنى الخيار و الحرية و القدرة.
كما ميز الله الإنسان بالعلم و المعرفة "وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ "( البقرة 31). و في ذلك تبيان القدرة على المعرفة وتمييز خصائص الأشياء والفوارق بينها، فكان التكريم بناء على أن الإنسان كائنا عاقلا.
أما العنصر الآخر الذي كرم به الله الإنسان هو القدرة والإرادة، فالإنسان قادر على أن يقول ويفعل وقادر على تخطي العقبات بصبره و ثباته لأنه خلقه الله تعالى ليكون معمرا في الكون، و بالتالي الذي يستمد قدرته من إرادة الله القاهرة، مشيرا إلى أن التغيير في العالم لا يقوم على الكثرة بل على قلّة لديها هدف واضح تعمل عليه.
و بخصوص الحقوق و الواجبات، بين الأستاذ أنها وجهان لعملة واحدة، فلا يمكن أن يتمتع الإنسان بحقه إلا إذا كان يقابل هذا الحق واجب يجعلك تؤدي إلي حقي.
و أكد أننا نعيش اليوم أزمة حقيقية من مظاهرها أن الكل يطالب بالحق و لا أحد يتحدث عن الواجبات، في حين أن المفهوم الشرعي للتكريم و التكليف قائما على أداء الواجب و طلب الحقوق ، أي تأدية لما عليه قبل أن يطالب بحقه، من ذلك أن الثروة في الكون لا تنطلق إلا من تعاوننا على إثرائها، و أي مشروع في هذه الدنيا لا يقوم إلا بأداء الواجب المقرون بعد ذلك بالحقوق ، و لا يمكن فصلهما عن بعض.
وأكد الأستاذ بأن كل أعمالنا نحن البشر ترجمة لشعورنا بأننا أكرم مخلوق في الكون، و لا يكون هذا المخلوق أكرم المخلوقات إلا بشرط القيام بواجباته ليتمتع بحقوقه.